المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا فرض الحجاب ............ من 3 اجزاء....الجزء الاول


الصفحات : 1 2 3 4 5 6 7 8 [9] 10 11 12 13 14 15 16

عصام عبد الحميد
13-07-2007, 10:44 PM
لا يختلف اثنان على أن التشريع في الإسلام لا يصدر إلا عن القرآن والسنة، وقد وردت آيات وجوب الحجاب في القرآن الكريم بوضوح لا يرقى إليه شك، ويمكن جمعها على النحو الآتي:[/size]
* (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. وَقُل لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (النور: 30-31).
* (وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (النور:60).
* (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) (الأحزاب: 33).
* (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلاَ أَن تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمًا) (الأحزاب: 53).
* (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) (الأحزاب: 59).
ولفهم هذه الآيات، نقف عند معاني بعض ما جاء فيها من مفردات:
الجلباب: أصل مادة جلبب يفيد الجمع والإحاطة، والجلباب هو ما يتغطى به، وقد يطلق على القميص والخمار والرداء والإزار، وهو ثوب واسع للمرأة أوسع من الخمار ودون الرداء تغطي به رأسها وصدرها وظهرها، أو ما تضعه فوق ثيابها.
الخمار: أصل الخمر ستر الشيء، والخمار ما يستر به، وهو ما تغطي به المرأة رأسها.
الجيب: هو ما قُطع وسطه، وجيب القميص ما ينفتح على النحر (الياقة).
الضرب: وضع الشيء على الشيء.
الإدناء: يقال أدنيت أحد الأمرين من الآخر أي قاربت بينهما، وإدناء المرأة ثوبها عليها أي أرخته وتسترت به.
وبالعودة إلى الآيات الكريمة التي وردت في شأن الحجاب، نرى أنها جميعا قد جاءت في سياق غض البصر وحفظ الفرج، ويدل على ذلك ما تلاها من آيات تفصل آداب الاستئذان قبل الدخول، والحث على الزواج والإعفاف.
وعليه، فإن العلة الأولى للحجاب أو الخمار، هي إحصان المرأة وحفظ كرامتها بتغطية ما يثير شهوة الرجال من زينتها، وذلك بستر سائر بدنها خلا الوجه والكفين، مع التأكيد على أن العفة تناط أولا بالتربية وتزكية النفوس لكلا الجنسين كما قال تعالى: "ولباس التقوى ذلك خير"، فيما تأخذ تغطية الزينة حكم الإجراء الاحترازي لدرء الفتنة، والتي لا تُقصر على ضعاف النفوس فحسب، بل على المجتمع بأسره، إذ لا يخفى على أحد أن الغريزة الجنسية يستوي فيها العقلاء مع العامة، والتاريخ حافل بقصص الخيانة الزوجية على جميع المستويات.
الغاية إذن هي مساواة المرأة بالرجل لا تمييزها عنه، فلما اختصت الزينة والفتنة بأحدهما دون الآخر، كان لا بد من مواءمة الأحكام للفروق القائمة بينهما، ليلتقي كل منهما في إطار أعمالهما اليومية بما يضمن التقاء إنسان لإنسان، دون أن يشوب هذه العلاقة ما يهبط بها إلى دركات الشهوانية المقيتة.
إزاء هذه الحقيقة، يحق لنا أن نعيد طرح السؤال بصياغة تبدو لنا أقرب إلى المنطق: فمن الذي ينظر إلى المرأة على أنها جسد؟ ومن الذي يقصر فكره ونشاطه على ما يجب كشفه أو ستره من جسدها؟.. أتراه ذاك الذي يعترف بحقيقة غريزته ويبني عليها حكما يلزم به نفسه ليحترم إنسانية المرأة، وينصرف من خلاله عن التدني إلى مستوى التطلع إلى غاية شهوانية، أم هو ذاك الذي يصر على نفي وجود تلك الغريزة وهو يعلم مكانها في نفسه، ثم يحكم على الرجال بضرورة التنزه عنها، مصرا على إخراج النساء اللاتي بقين مئات السنين في خدورهن، وطرح غطائهن الذي لم يُثِر أي مشكلة طوال تلك القرون، فيأمر الرجال بالنظر دون شهوة، والنساء بالاختلاط دون اعتراف بوجود أي نزوة؟
لقد رافقت الحشمة صورة المرأة منذ خُلقت وعاء للجمال والفتنة، فإذا كان هذا الغطاء الذي لا يمنع المرأة عن مزاولة أعمالها والتمتع بحقوقها قد وقف حائلاً في وجه بعض من الرجال عن التمتع بزينتها، فلنبدأ إذن بإعادة صياغة أسئلتنا من جديد، ولنتحلّ بالجرأة في تحديد ذاك الذي لا يرى من المرأة إلا جسدها، قبل أن يتحول مبدأ: "رمتني بدائها وانسلت" من مجرد مشاغبة جدلية إلى حالة نفسية تطبع تياراً فكرياً عارماً بطابعها المثير للشفقة.
للاستزادة:
ناصر الدين الألباني، حجاب المرأة المسلمة.
عبد الرحمن حللي، حجاب المرأة: الحيثيات الحضارية والدلالات النصية، إسلام أون لاين.
محمد سعيد رمضان البوطي، المرأة بين طغيان النظام الغربي ولطائف التشريع الرباني.