المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من هي


الصفحات : [1] 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16

العمده
31-01-2007, 10:26 PM
قد أثقل المرض كاهلها، وهدّ الوَهَن عزمها، عاثت بجسدها النحيل أيامُ الزمن، وآلمت قلبها الصغير ليالي الحياة، لم تزل رفيقة الأسقام خليلة الآلام، ها هي ذا تقبل من بعيد، تدفع جسمها دفعًا، وقدماها تخطان في الأرض حكاية المعاناة وقصّة الأوجاع، جاءت تلقي الهموم وتحكي ضعف الحال وقلة الحيلة، ألقت بهمومها إلى البَر الرحيم، وشكت حالها إلى العطوف الكريم: يا رسول الله، إني أُصرع، وإني أتكشّف، فادع الله لي، قال: ((إن شئتِ صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك)). إنها تعلم أنها تناجي خير العالمين، تناجي حبيب الله وخليل الرحمن الذي إذا رفع يديه إلى السماء ردّدت أرجاءها ترحيبًا وتأمينًا، لقد كان بينها وبين قضاء حاجتها بإذن ربها أن تقول: فادع الله لي أن يشفيني، ولكنه كان خيارًا دون خيارٍ أعظم، ومطلوبا أسمى تلاشت أمامه كل الهموم وتناست بذكره كل الآلام.. الجنة.

إي وربي، وكأن ذلك الصدر الصغير يتردّد فيه وهو يسمع ذلك العرض: الجنة.. الجنة، لا بأس أصبِر، ومرحبًا بالمرض، وما أروعها لسعات الوجع، عندها أعلنتها دون تردّد: أصبِر أصبِر.

ومن تلك اللحظات بات للمرض طعم آخر تستلذّه وتأنس به، ولقد كان ابن عباس رضي الله عنهما يقول لعطاء كما عند البخاري ومسلم: ألا أريك امرأةً من أهل الجنة؟! فيقول: بلى، قال: هذه المرأة السوداء.

أيها المؤمنون، هل عرفتموها؟ لا.. لا.. لم تعرفوها ولن تعرفوها، إن التاريخ لم يسجل لها اسمًا، والسير لم تذكر لها ترجمة، لقد كانت من عامة الناس، قد لا يعرفها أهل المدينة ومن حولها، بيد أنها كانت تمشي بين البشر وتقرع بقدميها الثرى وهي من أهل الجنة، فنعم المآل، وما أعظم المنقلب والمنتهى.

إنها الجنة دار المتقين، ورغبة المخبتين، ومقصد الصالحين، روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد الساعدي رضي لله عنه قال: قال رسول الله : ((قال الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، واقرؤوا إن شئتم: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون [السجدة:17]))، وفي المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دُرّي في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوّطون ولا يتمخّطون، آنيتهم فيها الذهب، ورشحهم المسك، ولكل واحد منهم زوجتان، يرى مخ ساقهما من وراء اللحم من الحسن، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم على قلب رجل واحد، يسبحون الله بكرة وعشيًا)).



)) والله هذه هي الغاية ، فأللهم لا تحرمنا جنتك))