المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما يملأ العين الا التراب


الصفحات : [1] 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16

ابو طله
14-05-2006, 02:21 PM
جلدات عن كل مليار!

محمد صادق دياب

لم أشعر قط أنني أتعاطف مع أولئك الأغبياء الجشعين، الذين يقعون في حبائل السحرة والدجالين، تحت إغراء تنمية الأموال أو قضاء مصالح، فهم في تقديري شركاء في الخطأ والجرم والطمع، وأن على الجهات الإعلامية والأمنية عدم اعتبارهم ضحايا، بل مذنبين يستحقون العقاب.

وقد نشرت إحدى الصحف السعودية قبل أيام خبر رجل أعمال «مغفل»، احتال عليه دجال بزعم تزويجه من ابنة أحد ملوك الجن، التي ستوفر له خلال سنة من زواجها 10 مليارات ريال، مقابل مهر قدره مليون ومائة ألف ريال!.. ورجل الأعمال هذا يستحق في تقديري 10 جلدات عن كل مليار كان يطمح بغباء للحصول عليه، حتى لو تطلب الأمر زواجه من ابنة ملك الجن «البائرة»، «العانس»، «الشمطاء».

وفي اليوم التالي لنشر الخبر الأول نشرت صحيفة «المدينة» السعودية عدد الخميس 11/5/2006 خبرا أكثر إيلاما بعنوان «رجل أعمال يدفع 210 ملايين ريال لساحر للحصول على منصب اقتصادي كبير»، ويتضمن الخبر أن شرطة محافظة جدة تمكنت من استرجاع 10 ملايين ريال من أصل 210 ملايين ريال دفعها أحد رجال الأعمال الأثرياء بجدة لعصابة من النصابين والمشعوذين الأفارقة، بهدف عمل أسحار وشعوذة ليصبح مسؤولا كبيرا في مجال اقتصادي كبير! ولست أدري أي مجال اقتصادي كان يريد رجل الأعمال الجشع ذاك أن يكون مسؤولا فيه، ويستحق أن يدفع مقابله 210 ملايين ريال، إلا إذا كانت تلك المسؤولية ستمكنه من نهب أضعاف أضعاف ما دفع!

وليعذرني القارئ إن كنت لا أفهم في لغة الملايين، فحينما درست في المرحلة الابتدائية كانت الخانات الحسابية تتشكل من: آحاد وعشرات ومئات، ثم آحاد الآلاف وعشرات الآلاف ومئات الآلاف، وحينما أراد أحد مدرسينا أن يتجاوز تلك الخانات إلى الملايين، أثناء تدريسنا، حذره زميله بأن يخفض من صوته كي لا يظن المارة بجوار الفصل بعقله الظنون، فاكتفي الرجل بتلك الخانات الست السابقة وغرق في بحر القناعة، ولذا فأنا لا أستطيع أن أتخيل أن شخصا لديه مئات الملايين يبحث عن المزيد عبر هذه الطرق البلهاء، التي لا تشوه صورته وحده، بل تشوه صورتنا جميعا كمجتمع ساذج مستهدف تشد إليه عصابات الدجل رحالها.. وقد أسعدني ما ذكره القاضي بمحكمة جدة حمد بن محمد الرزين، بوجوب الحكم تعزيرا على من يتعامل مع المشعوذين والسحرة، واعتبار ذلك من أكبر الجرائم، وكم أتمنى أن تشمل ضروب التعزير أيضا إشهار أسماء هؤلاء في الصحف المحلية أسوة بالمرتشين والمزورين، فلعل الأطفال يسيرون خلف هؤلاء في دروب المدينة ذات يوم وهم يصيحون: «العبيط أهو»!