المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إختلال ميزان الأمة


الصفحات : [1] 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16

راشد اليماني
06-09-2008, 03:29 AM
مع مرور الأيام يزداد إختلال ميزان الأمة في جوانبها المختلفة _ مادية ، معنوية ، فكرية ، إجتماعية ، إقتصادية ، سياسية وغيرها _ ففي أقطارنا العربية والإسلامية نجد أن مايتعلق بالفن والترفيه مقدم دائما علي مايتعلق بالعلم والتعليم ، والإهتمام برياضة الأبدان مقدم علي الإهتمام برياضة العقول ، وكأن المطلوب من الإنسان هو رعاية الجانب الجسماني فقط لاغير ... يقول الشاعر :
ياخادم الجسم كم تسعي لخدمته
أتطلب الربح ممافيه خسران
أقبل علي النفس وأستكمل فضائلها
فأنت بالروح لا بالجسم إنسان
لكننا نري اليوم أن الأنسان بعضلاته قبل كل شئ ... فهذا لاعب يشغل الدنيا بخبر إنتقاله من فريقه إلي منافسه اللدود ويرتفع سعره في المساومة إلي ملايين الجنيهات ... وآخر يرفض اللعب من أجل راتبه الضعيف الذي يساوي أضعاف راتب الموظف الذي يتزين جدار حائطه بشهادات تفوق في عددها عدد سنين هذا اللاعب ، وهذا كله ناتج من الإهتمام الخاص برياضة المنافسات خصوصا كرة القدم ، وليتهم إهتموا بكل أنواع الرياضة ، وخصوصا التي ينتفع بها جماهير الناس في حياتهم اليومية .
إن نجوم المجتمع وألمع الأسماء فيه ، ليسوا هم العلماء ولا الأدباء ، ولا أهل الفكر أوالدعوة ، بل هم الفنانين والفنانات ولاعبو الكرة وأمثالهم ، فالصحف والمجلات والتلفزيونات والإذاعات لاحديث لها إلا عن هؤلاء وأعمالهم وبطولاتهم وأخبارهم مهما بلغت تفاهتها ، أما العلماء فهم في ظل الظل رغم أن العالم هو قلب الأمة الذي ينبض عندما كان القلب يئن ، وأملها الضئيل عندما كان الأمل يكن ، وروحها المشتاقة عندما كانت النفس تحن ... يموت الفنان فترج الأرض لموته وتمتلئ صفحات الصحف بالحديث عنه ، ويموت العالم الأديب والأستاذ الكبير فلا يكاد يحس به أحد .
أما في الجانب المالي فترصد المبالغ الطائلة ، والأموال الباهظة للرياضة والفن ورعاية الإعلام وحماية أمن الحاكم ، ولا يستطيع أحد أن يعارض أو يجادل .. في حين تشكو الجوانب التعليمية من ضعف رواتب المعلمين الذي كان أحد أسباب ضعف مهنيتهم ، وضعف الجوانب الصحية من إرتفاع ثمن الدواء وأجرة المستشفي الخاص بعد أن أصبح المستشفي الحكومي الداخل فيه مفقود والخارج مولود ، وضعف الجانب الديني من محاضرات وخطب ودروس ودورات ، وضعف الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء .
وهذا الإخلال لايقف عند جماهير المسلمين ، أو المنحرفين منهم ، بل الإخلال واقع من المنتسبين إلي التدين ذاته لفقدان الفقه الرشيد والعلم الصحيح ، فكثيرا مارأينا مثل هؤلاء _ مع إخلاصهم _ يشتغلون بمرجوح العمل ويدعون راجحه وينهمكون في المفضول ويغفلون عن الفاضل ، فمنهم من يتبرع ببناء مسجد في بلد حافل بالمساجد قد يتكلف نصف مليون أو مليونا أو أكثر من الجنيهات ، فإذا طالبته ببذل مثل هذا المبلغ أو نصفه أو نصف نصفه في نشر الدعوة إلي الإسلام ، أو مقاومة الكفر والإلحاد ، أو نحو ذلك من المشاريع الكبيرة التي قد تجد الرجال ولا تجد المال ، فهيهات أن تجد أذنا صاغية أو إجابة ملبية ، لأنهم يؤمنون ببناء الأحجار ، ولايؤمنون ببناء الرجال .