المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نهوض القلب


الصفحات : [1] 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16

إبتهال الجنوب
26-08-2008, 10:29 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم
الحقيقة أني حين قرأت هذه فأعجبتني تذكرت الفطاحلة وإن يكون لهم نصيب من هذا الجمال الروحاني والفائدة وهي للكاتب المصري الكبير أحمد بهجت بارك الله في عمره .

نهوض القلب


قال الله عز وجل وأصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه
روي أنس عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال
إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله
قيل‏:‏ كيف يستعمله يارسول الله
قال‏:‏ يوفقه لعمل قبل الموت‏..‏

إذا كان العمل مطلوبا فان إرادة العمل مطلوبة هي الأخري‏..‏ والإرادة هي بدء طريق السالكين‏..‏ وهي اسم لأول منزلة القاصدين إلي الله تعالي‏..‏

وإنما سميت هذه الصفة ارادة‏,‏ لأن الإرادة مقدمة كل أمر‏,‏ فما لم يرد العبد شيئا لايفعله‏,‏ والمريد هو من له ارادة‏,‏ كما أن العالم من له علم‏..‏

غير أن العارفين بالله ينظرون إلي الإرادة نظرة أخري‏,‏ المريد في عرفهم من لا ارادة له‏..‏ فمن لم يتجرد من ارادته‏,‏ لايكون مريدا‏..‏
وتكلم كثير من شيوخهم عن الإرادة‏.‏

قال بعضهم الإرادة ترك ماعليه العادة‏,‏ وعادة الناس الاقامة في أماكن الغفلة والركون إلي اتباع الشهوة‏,‏ والاخلاد إلي مادعت إليه النفس الامارة بالسوء‏,‏ والمريد منسلخ عن هذا الحال‏,‏ وهو خارج عن العادة‏,‏ وترك العادة امارة الإرادة‏,‏ وحقيقة الإرادة نهوض القلب في طلب الحق سبحانه‏.‏

وقال الدقاق‏:‏ الإرادة لوعة في الفؤاد‏,‏ ولدغة في القلب‏,‏ وغرام في الضمير‏,‏ وانزعاج في الباطن‏,‏ ونيران تتأجج في النفوس‏,‏ ومن صفات المريدين التحبب إلي الله بالنوافل‏,‏ والاخلاص في نصيحة العامة‏,‏ والانس بالخلوة‏,‏ والصبر علي معاناة الاحكام‏.‏
قال الرقي‏:‏ سمعت الدقاق يقول نهاية الإرادة أن تشير إلي الله تعالي فتجده مع الإشارة‏..‏
قلت‏:‏ فأي شئ يستوعب الإرادة؟
قال الدقاق‏:‏ ان تجد الله تعالي بلا إشارة‏.‏

قال الواسطي‏:‏ أول مقام المريد ارادة الحق سبحانه باسقاط ارادته‏..‏ وسئل الجنيد‏:‏ ما للمريدين يتعلقون بالحكايات‏.‏
قال‏:‏ الحكايات جند من جنود الله تعالي‏,‏ يقوي بها قلوب المريدين‏..‏
قيل له‏:‏ الك شاهد ؟‏.‏
قال‏:‏ نعم‏..‏ قول الله عز وجل وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك‏.‏

ويدق التفريق بين المريد والمراد‏..‏ وصحح ان كل مريد مراده هو الله تعالي‏,‏ غير ان القوم يفرقون بين المريد والمراد رغم ذلك‏,‏ المريد عندهم هو المبتدئ‏,‏ والمراد هو المنتهي‏..‏ المريد هو الذي يلقي مراده بعد التعب ومقاساة المشاق‏..‏ والمراد هو الذي يلقي مايريد من غير مشقة‏..‏ ان المريد متحمل‏,‏ والمراد محمول‏.‏

قال العارفون بالله‏..‏ كان موسي عليه السلام مريدا حين قال رب اشرح لي صدري وكان محمد صلي الله عليه وسلم مرادا لأن الله تعالي قال له ألم نشرح لك صدرك‏..‏ ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك‏.‏