المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محمد العبدالله القاضي


الصفحات : [1] 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27

الطائر المهاجر
16-09-2007, 05:02 AM
هو شاعر النبط الكبير محمد بن عبدالله القاضي من بني تميم القبلية العربية . . . من أكثر شعراء النبط وأغزرهم إنتاجاً وأقواهم معنى . . . شهد له الجميع وأشاد به نقاد الشعر النبطي على اعتبار أنه من الظواهر الفريدة بالشعر النبطي القليلة التكرار
ولد شاعرنا في (( عنيزه )) بالقصيم سنة 1224هـ وفيها توفى سنة 1285هـ عاش حوالي 61سنة نبغ بالشعر منذ صغره وكان حاوياً للخصال الحميدة فقد كان القاضي رحمة الله كريماً إلى حد يفوق الوصف حتى إنه لما قال قصيدته المشهورة في مدح أهل عنيزه بلدته والتي منها هذه الأبيات

يـا عـل بـراقٍ حقــوقٍ خيـالـه ...محـنٍ مـرنٍ مـرجحـنٍ وهطـال
يسقـي مفالـي ديرتـن ضـم جالـه ....ما يعجب الناظـر يشوفـه ويهتـال
دارٍ لنـا ودادي الرمـه هـو شمالـه...غربيـة الضاحـي وشرقيـة الجـال
دارٍ لنجـد مشـرّعه كـم عنـا لـه...راجعي و محتـاجٍ ولا جـي ونـزال

ولما نظم تلك القصيدة قال له أمير ((عنيزه)) بذلك الوقت ((عبدالله بن سليم)) بماذا تكون المكافأة أيها القاضي ؟
فقال القاضي مكافأتي أن تكون عندي ضيافة كل ضيف يأتي لكم في اليوم الثاني بعدكم مباشرة . . . لا يسبقني أحد فقال الأمير هي لك وكان القاضي رحمه الله من الوجهاء الأغنياء في بلدته . . . ولما بلغ الأربعين من عمره توقف تدريجياً عن نظم الشعر وتوجه إلى أمور الدين ودراسته فنسح صحيح البخاري كاملاً بخط يده علماً بأنه كان معتدلاً في بداية حياته بالغزل
وبالرغم من نظمه للغزل وإبداعه فيه كشاعر كبير إلاّ أنه كان عذرياً سليم الهدف بغزلياته وما رواه الرواة عنه أن هناك بعض من أصدقائه تحدوه بأن ينظم قصيدة طويلة كاملة لا يذكر فيها بيتاً واحداً في الغزل وبالفعل نظم القاضي قصيدته المشهورة والتي اختار موضوعها وصف القهوة مطلعها

يا مـل قلـبٍ كـل مالتـم الأشفـاق...من عام الأول به دواكيـك وخفـوق
إن عن له تذكـار الأحبـاب واشتـاق ...باله وطاف بخاطـرة طارى الشـوق
قربـت لـه من غايـة البـن مالاق....بالكف ناقيـها عن العـذف منسـوق
احمـس ثـلاثٍ يانديمـى على سـاق...ريحه على جمر الغضا يفضح السوق
حـذراك والنيـه وبـالك والأحـراق..واصحا تصير بحمسه البـن مطفـوق

ولما أشرف القاضي على نهاية القصيدة ولم يتغزل عرف الأصدقاء أنهم مغلوبون لا محالة وأمروا امرأة بالمرور أمامه رافعة طرف ثوبها ليتبين الحجل فلما مرت أمامه أردف القاضي يقول وقد شطح عن موضوعه الأساسي

سحرٍ كتب في حبـر عينـه بالأوراق...خديـه صاديـنٍ ونونيـن من فـوق
كن العرق بخدودها حـصٍ أرنـاق...نثر على صفحـات بلـورة شعـرق
تمشي برفقٍ خايفـه مدمـج السـاق.. يفصم حجولٍ ضمها الثقل من فـوق
إلى صفت لك ساعتن وأنت مشتـاق...فاقطف ثمر مالاق والعمـر ملحـوق

وقد كان شاعرنا القاضي ذا علم فكان يعرف حساب النجوم والأنواء ومواسم المطر والزراعة وقد جمع علمه هذا بقصيدته المشهورة والتي منها هذه الأبيات

ترى أول نجوم الليل سبعٍ وصايـف...كما جيب وضحا ضيع الدرك دالـق
أو نعـل شـاخٍ والتـويبـع تبيعـها...وفي برجها الجوزا كما الـدال دانـق
ترفع بها عاهـات الأثمـار بسطـه...نهايات قصـر الليل عشـر الدقايـق

وكان بهذا العلم قد جدد ما بدأه الخلاوي حيث كان هو السبّاق إلى نظم القصائد بحساب النجوم والأنواء إلاّ أن القاضي قد أضاف معلومات جديدة وعالج الموضوع معالجة جديدة موضوعية تختلف عن معالجة الخلاوي لنفس الموضوع
ويعد النقاد قصائد القاضي في كل معنى يتطرق له قمة الأشعار النبطية تقاس عليها قصائد باقي الشعراء حيث أصبح الشاعر مضرباً للمثل كقوله

بالدمع باسـم الله يا عيـن مجـراك...محاجر البحرين جفنـك عن العيـن
يرعد سماك ويمطر الدمع من مـاك...لا صاح به زجر المـلك ساقه البيـن
اليـا عذلتـك زاد نوحـك وبلـواك...تسرين في سفك المدامـع وتجريـن
بالعون يا عين الخطـا صرت ويـاك...مثـل الخطيـة دايـم الـدوم تشنيـن

وقوله من قصيدة أخرى يرثى بها طلال العبدالله بن رشيد وصف انتحاره فيقول

أعطت طلال المـلك ليـن أمهلـت له....تزخرف على وجهه بتجميع الأصنافـي
يوم استتمت له وجت له على الهـوى...جرى من سبب كفه على نفسه إتلافـي
وتمـلك بها غيره وهـي في حبالـه....وهي منه حبلى قاربٍ شهـرها لافـي
تنـاهـى مقـام العـز منـها ولابقـا....ملكٍ عظيـم مارفـى شقـه الرافـي
حنـت عليه جبـال حايـل ومن بـها...من الجار والجالينه وصنوف الأضيافي
عمـار الجبل سور الجبل هيبه الجبـل..حمى دون ساكنها بشر ثات لا سيافـي

وفى أواخر أيام شاعرنا محمد القاضي اعترته الأمراض فأنهكته وهدت قواه وبدأ يصارع المرض حتى صرعه المرض فتوفاه الله وكانت آخر قصيدة قالها بحياته قصيدته المشهورة والتي سميت ((توبة القاضي)) وفيها يتجه إلى الباري عز وجل يطلبه العفو ومنها هذه الأبيات

يا محـل العفـو عفـوك يـا كريـم....ولطفـك اللـي كافـلٍ كـل الأنـام
يـا سميـعٍ يـا بصيـرٍ يـا عليـم....يـا قـويٍّ يـا متيـنٍ يـا ســلام
يـا حميـدٍ يـا مجيـدٍ يـا حكيـم....يـا عزيـز ذو الجـلال والإكـرام
مـوحـدٍ يـدعيـك بالليـل البهيـم...بـالتخضـع والتضـرع بـالظـلام
خاشـعٍ لـك خاضـعٍ لـك مستقيـم...أسـألك وادعيـك بأسمـاك العظـام
أن تروف بحـال من جسمـه سقيـم ...علتـه تبـراه مـن خمسـة عـوام